قوله تبارك وتعالى :﴿ إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا ﴾ قال ابن عباس : الإلحاد وضع الكلام على غير مواضعه، وقال قتادة : هو الكفر والعناد، وقوله عزّ وجلّ :﴿ لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ ﴾ فيه تهديد شديد ووعيد أكيد أي أنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته، وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال، ولهذا قال تعالى :﴿ أَفَمَن يلقى فِي النار خَيْرٌ أَم مَّن يأتي آمِناً يَوْمَ القيامة ﴾ ؟ أي أيستوي هذا وهذا؟ لا يستويان، ثم قال عزّ وجلّ تهديداً للكفرة :﴿ اعملوا مَا شِئْتُمْ ﴾. قال مجاهد ﴿ اعملوا مَا شِئْتُمْ ﴾ وعيد أي من خير أو شر إنه عالم بكم وبصير بأعمالكم، ولهذا قال :﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ ثم قال جل جلاله :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَآءَهُمْ ﴾ قال الضحاك هو القرآن، ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾ أي منيع الجناب لا يرام أن يأتي أحد مثله، ﴿ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ ﴾ أي ليس للبطلان إليه سبيل. لأنه منزل من رب العالمين، ولهذا قال :﴿ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ أي حكيم في أقواله وأفعاله، حميد بمعنى محمود أي في جميع ما يأمر به وينهى عنه، ثم قال عزّ وجلّ :﴿ مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ﴾، قال قتادة والسدي : ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك فكما كذبت كذبوا، وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر أنت على أذى قومك لك، وهذا اختيار ابن جرير. وقوله تعالى :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ ﴾ أي لمن تاب إليه، ﴿ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ﴾ أي لمن استمر على كفره و طغيانه، وعناده وشقاقه ومخالفته. قال سعيد بن المسيب : لمّا نزلت هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ ﴾ قال رسول الله ﷺ :« لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد ».


الصفحة التالية
Icon