يقول تعالى منكراً على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله، ومخبراً أنه الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده، فإنه هو القادر على إحياء الموتى، وهو على كل شيء قدير، ثم قال عزّ وجلّ :﴿ وَمَا اختلفتم فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله ﴾ أي مهما اختلفتم فيه من الأمور، وهذا عام في جميع الأشياء ﴿ فَحُكْمُهُ إِلَى الله ﴾ أي هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيّه ﷺ، كقوله جلّ وعلا :﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول ﴾ [ النساء : ٥٩ ]، ﴿ ذَلِكُمُ الله رَبِّي ﴾ أي الحاكم في كل شيء، ﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ أي أرجع في جميع الأمور. وقوله جل جلاله :﴿ فَاطِرُ السماوات والأرض ﴾ أي خالقهما وما بينهما ﴿ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً ﴾ أي من جنسكم وشكلكم، منَّة عليكم وتفضلاً، جعل من جنسكم ذكراً وأُنثى، ﴿ وَمِنَ الأنعام أَزْواجاً ﴾ أي وخلق لكم من الأنعام ثمانية أزواج، وقوله تبارك وتعالى :﴿ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ﴾ أي يخلقكم فيه على هذه الصفة، لا يزال يذرؤكم فيه ذكوراً وإناثاً خلقاً من بعد خلق، وجيلاً بعد جيل، وقال البغوي ﴿ يَذْرَؤُكُمْ ﴾ أي في الرحم، وقيل : في هذا الوجه من الخلقة، قال مجاهد : نسلاً بعد نسل من الناس والأنعام. وقيل :« في » بمعنى الباء. أي يذرؤكم به. ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ أي ليس كخالق الأزواج كلها شيء، لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له ﴿ وَهُوَ السميع البصير ﴾، وقوله تعالى :﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض ﴾ تقدم تفسيره في سورة الزمر، وحاصل ذلك أنه المتصرف الحاكم فيهما، ﴿ يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ﴾ أي يوسع على من يشاء ويضيّق على من يشاء، وله الحكمة والعدل التام. ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.