يقول تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة، أنه من هداه فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، كما قال عزّ وجلّ :﴿ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً ﴾ [ الكهف : ١٧ ]، ثم قال عزّ وجلّ مخبراً عن الظالمين وهم المشركون بالله ﴿ لَمَّا رَأَوُاْ العذاب ﴾ أي يوم القيامة تنموا الرجعة إلى الدنيا، ﴿ يَقُولُونَ هَلْ إلى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ ﴾، كما قال جلّ وعلا :﴿ وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار فَقَالُواْ ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين ﴾ [ الأنعام : ٢٧ ]، وقوله عزّ وجلّ :﴿ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ﴾ أي على النار، ﴿ خَاشِعِينَ مِنَ الذل ﴾ أي الذي قد اعتراهم بما أسلفوا من عصيان الله تعالى :﴿ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ﴾ قال مجاهد : يعني ذليل، أي ينظرون إليها مسارقة خوفاً منها، والذي يحذرون منه واقع بهم لا محالة، ﴿ وَقَالَ الذين آمنوا ﴾ أي يقولون يوم القيامة ﴿ إِنَّ الخاسرين ﴾ أي الخسار الأكبر، ﴿ الذين خسروا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة ﴾ أي ذهب بهم إلى النار فعدموا لذتهم في دار الأبد، وفرق بينهم وبين أحبابهم وأصحابهم فخسروهم، ﴿ أَلاَ إِنَّ الظالمين فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ ﴾ أي دائم سرمدي أبدي، لا خروج لهم منها ولا محيد لهم عنها. وقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ الله ﴾ أي ينقذونهم مما هم فيه من العذاب والنكال، ﴿ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ ﴾ أي ليس له الخلاص.


الصفحة التالية
Icon