قال السدي عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابه ﴿ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ﴾ أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، وعن ابن عباس ﴿ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ﴾ أي الكفر بالإيمان، وقال مجاهد : آمنوا ثم كفروا، وقال قتادة : استحبوا الضلالة على الهدى. وهذا الذي قاله قتادة يشبهه في المعنى قوله تعالى في ثمود :﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى ﴾ [ فصلت : ١٧ ].
وحاصل قول المفسرين فيما تقدم : أن المنافقين عدلوا عن الهدى إلى الضلال، واعتاضوا عن الهدى بالضلالة، وهو معنى قوله تعالى :﴿ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ﴾ أي بذلوا الهدى ثمناً للضلالة، ولهذا قال تعالى :﴿ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ أي ما ربحت صفقتهم في هذه البيعة، وما كانوا مهتدين أي راشدين في صنيعهم ذلك. وقال ابن جرير عن قتادة :﴿ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ قد والله رأيتموهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة، ومن الجماعة إلى الفرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السنة إلى البدعة.


الصفحة التالية
Icon