﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وأنى لَهُ الذكرى ﴾ [ الفجر : ٢٣ ].
وقوله تعالى :﴿ إِنَّا كَاشِفُو العذاب قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ ﴾ يحتمل معنيين :( أحدهما ) : أنه يقول تعالى : ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا، لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب. كقوله تعالى :﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ]. ( والثاني ) : أين يكون المراد : إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلاً بعد انعقاد أسبابه ووصوله إليكم، وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان الضلال، ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم كقوله تعالى :﴿ إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخزي فِي الحياة الدنيا وَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ ﴾ [ يونس : ٩٨ ] أولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم بل كان قد انعقد سببه عليهم، ولا يلزم أيضاً أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه، قال الله تعالى إخباراً عن شعيب عليه السلام أنه قال لقومه حين قالوا :﴿ قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ ياشعيب والذين آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افترينا عَلَى الله كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا الله مِنْهَا ﴾ [ الأعراف : ٨٨-٨٩ ]، وشعيب عليه السلام لم يكن قط على ملتهم وطرقتهم وقال قتادة : إنكم عائدون إلى عذاب الله. وقوله عزّ وجلّ :﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ : فسر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه بيوم بدر، وروي أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو محتمل، والظاهر أن ذلك يومالقيامة وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضاً، روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال ابن مسعود رضي الله عنه ﴿ البطشة الكبرى ﴾ يوم بدر، وأنا أقول هي يوم القيامة. وهذا إسناد صحيح عن ابن عباس، والله أعلم.