يقول تعالى مخبراً عما يعذب به الكافرين الجاحدين للقائه ﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم * طَعَامُ الأثيم ﴾ و ﴿ الأثيم ﴾ أي في قوله وفعله، وهو الكافر، وذكر غير واحد أنه ( أبو جهل )، ولا شك في دخوله في هذه الآية، ولكن ليست خاصة به، قال همام بن الحارث : إن أبا الدرداء كان يقرىء رجلاً :﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم * طَعَامُ الأثيم ﴾ فقال : كعام اليتيم، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه : قل : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر، أي ليس له طعام من غيرها، قال مجاهد : ولو وقعت قطرة منها في الأرض لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، وقوله ﴿ كالمهل ﴾ كعكر الزيت ﴿ يَغْلِي فِي البطون * كَغَلْيِ الحميم ﴾ أي من حرارتها ورداءتها، وقوله تعالى :﴿ خُذُوهُ ﴾ أي الكافر، وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية ﴿ خُذُوهُ ﴾ ابتدروه سبعون ألفاً منهم، وقوله ﴿ فاعتلوه ﴾ أي سوقوه سحباً ودفعاً في ظهره، قال مجاهد ﴿ خُذُوهُ فاعتلوه ﴾ أي خذوه فادفعوه، ﴿ إلى سَوَآءِ الجحيم ﴾ أي وسطها ﴿ ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الحميم ﴾ كقوله عزّ وجل :﴿ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحميم * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ والجلود ﴾ [ الحج : ١٩-٢٠ ]. وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد فتفتح دماغه، ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه، فيسلت ما في بطنه من أمعائه حتى تمرق من كعبيه، أعاذنا الله تعالى من ذلك، وقوله تعالى :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ أي قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ، وقول الضحاك عن ابن عباس : أي لست بعزيز ولا كريم، وقد قال الأموي في « مغازيه »، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال :« لقي رسول الله ﷺ أبا جهل، لعنه الله فقال : إن الله تعالى أمرني أن أقول لك :» أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى «، قال، فنزع ثوبه من يده وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم. قال : فقتله الله تعالى يوم بدر وأذله، وعيَّره بكلمته، وأنزل :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ » وقوله عزّ وجلّ :﴿ إِنَّ هذا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ﴾ كقوله تعالى :﴿ هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ ﴾ [ الطور : ١٤-١٥ ].


الصفحة التالية
Icon