يقول تعالى :﴿ تَلْكَ آيَاتُ الله ﴾ يعني القرآن بما فيه من الحجج والبينات ﴿ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بالحق ﴾ أي متضمنة الحق من الحق، فإذا كانوا لا يؤمنون بها ولا ينقادون لها ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ الله وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ ؟ ثم قال تعالى ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴾ أفاك في قوله أي كذاب ﴿ أَثِيمٍ ﴾ في فعله وقلبه كافر بآيات الله، ولهذا قال :﴿ يَسْمَعُ آيَاتِ الله تتلى عَلَيْهِ ﴾ أي تقرأ عليه ﴿ ثُمَّ يُصِرُّ ﴾ أي على كفره وجحوده، استكباراً وعناداً ﴿ كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ﴾ كأنه ما سمعها ﴿ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ فأخبره أن له عند الله تعالى يوم القيامة عذاباً أليماً موجعاً، ﴿ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتخذها هُزُواً ﴾ أي إذا حفظ شيئاً من القرآن كفر به، واتخذه سخرياً وهزواً ﴿ أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ أي في مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به، ولهذا « نهى رسول الله ﷺ أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو »، ثم فسر العذاب الحاصل له يوم معاده فقال ﴿ مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ ﴾ أي كل من اتصف بذلك سيصيرون إلى جهنم يوم القيامة ﴿ وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً ﴾ أي لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم، ﴿ وَلاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ ﴾ أي ولا تغني عنهم الآلهة التي عبدوها من دون الله شيئاً ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾، ثم قال تبارك وتعالى :﴿ هذا هُدًى ﴾ يعني القرآن ﴿ والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ ﴾ وهو المؤلم الموجع، والله سبحانه وتعالى أعلم.