يقول تعالى مسلياً لنبيّه ﷺ، في تكذيب من كذبه من قومه ﴿ واذكر أَخَا عَادٍ ﴾ وهو ( هود ) ﷺ. بعثه الله عزَّ وجلَّ إلى عاد الأولى، وكانوا يسكنون الأحقاف، جميع حِقْف، وهو الجبل من الرمل وقال عكرمة : الأحقاف : الجبل والغار، وقال قتادة ذكر لنا أن عاداً كانوا حياً باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشِّحْر، وقوله تعالى :﴿ وَقَدْ خَلَتِ النذر مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ﴾، يعني وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين، كقوله عزّ وجلّ :﴿ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَآءَتْهُمُ الرسل مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله ﴾ [ فصلت : ١٣-١٤ ] ﴿ إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ أي قال لهم هود ذلك فأجابه قومه قائلين ﴿ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا ﴾ ؟ أي لتصدنا عن آلهتنا، ﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ استعجلوا عذاب الله وعقوبته، واستبعاداً منهم وقوعه، كقوله جلَّت عظمته :﴿ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا ﴾ [ الشورى : ١٨ ]، ﴿ قَالَ إِنَّمَا العلم عِندَ الله ﴾ أي الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فسيفعل ذلك بكم، وأما أنا فمن شأني أن أبلغكم ما أرسلت به ﴿ ولكني أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ﴾ أي لا تعقلون ولا تفهمون، قال الله تعالى :﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ﴾ أي لما رأوا العذاب مستقبلهم، اعتقدوا أنه عراض ممطر ففرحوا واستبشروا به، وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر، قال الله تعالى :﴿ بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي هو العذاب الذي قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين، ﴿ تُدَمِّرُ ﴾ أي تخرب ﴿ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ من بلادهم مما من شأنه الخراب، ﴿ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾ أي بإذن الله لها في ذلك كقوله سبحانه وتعالى :﴿ مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم ﴾ [ الذاريات : ٤٢ ] أي كالشيء البالي، ولهذا قال عزّ وجلّ :﴿ فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ﴾ أي قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية، ﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي القوم المجرمين ﴾ أي هذا حكمنا فيمن كذَّب رسنا وخالف أمرنا.
يروى أن عاداً قحطوا فبعثوا وفداً له ( قيل ) فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر، وتغنيه جاريتان، يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة، فقال : اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأدوايه، ولا إلى أسير فأفاديه، الله اسق عاداً ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود، فنودي منها اختر، فأومأ إلى سحابة سوداء، فنودي منها خذها رماداً رمدداً، لا تبقي من عاداً أحداً، فما أرسل عليهم من الريح إلاّ قدر ما يجري في الخاتم حتى هلكوا، قال أبو وائل : وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم، قالوا : لا تكن كوافد عاد، وروى الإمام أحمد، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :