يقول تعالى :﴿ هُوَ الذي أَنزَلَ السكينة ﴾ أي جعل الطمأنينة، قال ابن عباس، وعنه : الرحمة، وقال قتادة : الوقار في قلوب المؤمنين، الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله، فلما اطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت، زادهم إيماناً مع إيمانهم؛ ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين، فقال سبحانه :﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ السماوات والأرض ﴾ أي ولو أرسل عليهم ملكاً واحداً لأباد خضراءهم، ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد، لما له في ذلك من الحكمة البالغة، والحجة القاطعة، ولهذا قال جلت عظمته :﴿ وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً ﴾، ثم قال عزَّ وجلَّ :﴿ لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي ماكثين فيها أبداً، ﴿ وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾ أي خطاياهم وذنوبهم، فلا يعاقبهم عليها، بل يعفو ويصفح ويغفر ويستر :﴿ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ الله فَوْزاً عَظِيماً ﴾، كقوله جلَّ وعلا :﴿ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ ﴾ [ آل عمران : ١٨٥ ]، وقوله تعالى :﴿ وَيُعَذِّبَ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظآنين بالله ظَنَّ السوء ﴾ أي يتهمون الله تعالى في حكمه، ويظنون بالرسول ﷺ وأصحابه أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية، ولهذا قال تعالى :﴿ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السوء وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ﴾ أي أبعدهم من رحمته، ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً ﴾، ثم قال عزَّ وجلَّ مؤكداً لقدرته على الانتقام من الأعداء؛ أعداء الإسلام من الكفرة والمنافقين ﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ السماوات والأرض وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً ﴾.


الصفحة التالية
Icon