يقول تعالى مخبراً رسول الله صلى الله عليه سلم بما يعتذر به المخلفون من الأعراب، الذين اختاروا المقام في أهليهم، وتركوا المسير مع رسول الله ﷺ، وسألوا أن يستغفروا لهم الرسول ﷺ لا على سبيل الاعتقاد، بل على وجه التقية والمصانعة، ولهذا قال تعالى :﴿ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ الله شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً ﴾ أي لا يقدر أحد أن يرد ما أراده الله فيكم، وهو العليم بسرائركم وضمائركم، وإن صانعتمونا ونافقتمونا، ولهذا قال تعالى :﴿ بَلْ كَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾، ثم قال تعالى :﴿ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرسول والمؤمنون إلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً ﴾ أي اعتقدتم أنهم يقتلون وتستأصل شأفتهم، وتستباد خضراؤهم، ولا يرجع منهم مخبر، ﴿ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ﴾ أي هلكى، قاله ابن عباس ومجاهد، وقال قتادة : فاسدين، ثم قال تعالى :﴿ وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بالله وَرَسُولِهِ ﴾ أي من لم يخلص العمل في الظاهر والباطن لله، فإن الله تعالى سيعذبه في السعير، ثم بيّن تعالى أنه الحاكم المالك المتصرف في أهل السماوات والأرض :﴿ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ أي لمن تاب إليه وأناب وخضع لديه.