اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين هم أولو بأس شديد على أقوال، ( أحدها ) : أنهم هوازن، قاله سعيد بن جبير وعكرمة، ( الثاني ) : ثقيف، قاله الضحاك، ( الثالث ) : بنو حنيفة، قاله جويبر، وروي مثله عن سعيد وعكرمة، ( الرابع ) : هم أهل فارس، قاله ابن عباس ومجاهد : وقال كعب الأحبار : هم الروم، وعن عطاء والحسن : هم فارس والروم، وعن مجاهد : هم أهل الأوثان، وقال ابن أبي حاتم عن الزهري في قوله تعالى :﴿ سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : لم يأت أولئك بعد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة » قال سفيان : هم الترك. وقوله تعالى :﴿ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ﴾ يعني شرع لكم جهادهم وقتالهم، فلا يزال ذلك مستمراً عليهم ولكم النصرة عليهم، ﴿ أَوْ يُسْلِمُونَ ﴾ فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار، ثم قال عزَّ وجلَّ :﴿ يُؤْتِكُمُ الله أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ ﴾ أي تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه ﴿ فَإِن تُطِيعُواْ ﴾ يعني زمن الحديبية حيث دعيتم فتخلفتم، ﴿ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾. ثم ذكر تعالى الأعذار في ترك الجهاد فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر، وعارض كالمرض الذي يطرأ أياماً ثم يزول، فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ، ثم قال تبارك وتعالى مرغباً في الجهاد وطاعة الله ورسوله :﴿ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار وَمَن يَتَوَلَّ ﴾ أي ينكل عن الجهاد ويقبل على المعاش ﴿ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ في الدنيا بالمذلة، وفي الآخرة بالنار، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon