يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين، الذين بايعوا رسول الله ﷺ تحت الشجرة، وقد تقدم أنهم كانوا ألفاً وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية، وروى البخاري عن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : انطلقت حاجاً فمررت بقوم يصلون، فقلت : ما هذا المسجد؟ قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله ﷺ بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته، فقال سعيد : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة، قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسناها، فلم نقدر عليها، فقال سعيد : إن أصحاب محمد ﷺ لم يعلموها وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم.
وقوله تعالى :﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ أي من الصدق والوفاء، والسمع والطاعة ﴿ فَأنزَلَ السكينة ﴾ وهي الطمأنينة ﴿ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ وهو ما أجرى الله عزَّ وجلَّ على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير بفتح خيبر وفتح مكة، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال تعالى :﴿ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان الله عَزِيزاً حَكِيماً ﴾، روى ابن أبي حاتم عن إياس بن سلمة عن أبيه قال :« بينما نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله ﷺ : أيها الناس : البيعة البيعة، نزل روح القدس، قال : فسرنا إلى رسول الله ﷺ، وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، فذلك قول الله تعالى :﴿ لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرة ﴾ قال : فبايع رسول الله ﷺ لعثمان رضي الله عنه بإحدى يديه على الأخرى، فقال الناس : هنيئاً لابن عفان يطوف بالبيت ونحن هاهنا، فقال رسول الله ﷺ :» لو مكث كذا وكذا ما طاف حتى أطوف «.


الصفحة التالية
Icon