« لما نزلت هذه الآية :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ ترفعوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي ﴾ قلت : يا رسول الله والله لا أكلمك إلاّ كأخي السرار » وروى البخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه :« أن النبي ﷺ افتقد ( ثابت بن قيس ) رضي الله عنه، فقال رجل : يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده في بيته منكساً رأسه، فقال له : ما شأنك؟ فقال : شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ فقد حبط عمله فهو من أهل النار، فأتى الرجل النبي ﷺ فأخبره أنه قال : كذا وكذا، قال موسى : فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال :» اذهب إليه فقل له : إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة « ».
وروى الإمام أحمد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :« لما نزلت هذه الآية :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ ترفعوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي ﴾ إلى قوله ﴿ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾، وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت، فقال : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله ﷺ، أنا من أهل النار، حبط عملي، وجلس في أهله حزيناً، ففقده رسول الله ﷺ، فانطلق بعض القوم إليه، فقالوا : له : تَفقَّدك رسول الله ﷺ، مالك؟ قال : أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي ﷺ وأجهر له بالقول، حبط عملي أنا من أهل النار، فأتوا النبي ﷺ فأخبروه بما قال، فقال النبي ﷺ :» لا، بل هو من أهل الجنة «. قال آنَس رضي الله عنه : فكنا نراه يمشي بين أظهرنا، ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شماس، وقد تحنط ولبس كفنه، فقال : بئسما تعوّدون أقرانكم، فقاتلهم حتى قتل رضي الله عنه. وفي رواية : فقال له النبي ﷺ :» أما ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ « فقال : رضيت ببشرى الله تعالى ورسوله ﷺ، ولا أرفع صوتي أبداً على صوت رسول الله ﷺ »، قال : وأنزل الله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ الله أولئك الذين امتحن الله قُلُوبَهُمْ للتقوى ﴾ الآية.
وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين، كذلك فقد نهى الله عزَّ وجلَّ عن رفع الأصوات بحضرة رسول الله ﷺ، وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع صوت رجلين في مسجد النبي ﷺ قد ارتفعت أصواتهما فجاء، فقال : أتدريان أين أنتما؟ ثم قال : من أين أنتما؟ قال : من أهل الطائف، فقال : لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً.


الصفحة التالية
Icon