يقول تعالى :﴿ وَفِي موسى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ أي بدليل باهر وحجة قاطعة، ﴿ فتولى بِرُكْنِهِ ﴾ أي فأعرض فرعون عما جاءه موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً، قال مجاهد : تعزز بأصحابه، وقال قتادة : غلب عدو الله على قومه، وقال ابن زيد :﴿ فتولى بِرُكْنِهِ ﴾ أي بمجموعه التي معه، ثم قرأ :﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ [ هود : ٨٠ ] والمعنى الأولى قوي، ﴿ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ أي لا يخلو أمرك فيما جئتني به، من أن تكون ساحراً أو مجنوناً، قال الله تعالى :﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ ﴾ أي ألقيناهم ﴿ فِي اليم ﴾ وهو البحر، ﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ أي وهو ملوم جاحد، فاجر معاند. ثم قال عزّ وجلّ :﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم ﴾ أي المفسدة التي لا تنتج شيئاً لهذا قال تعالى :﴿ مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ ﴾ أي مما تفسده الريح ﴿ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم ﴾ أي كالشيء الهالك البالي، وقد ثبت في الصحيح :« نصرت بالصَّبا وأهلكت عاد بالدَّبور » ﴿ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ ﴾ قال ابن جرير : يعني إلى وقت فناء آجالكم، والظاهر أن هذه كقوله تعالى :﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العذاب الهون بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [ فصلت : ١٧ ]، وهكذا قال ههنا :﴿ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ * فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار، ﴿ فَمَا استطاعوا مِن قِيَامٍ ﴾ أي من هرب ولا نهوض، ﴿ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ ﴾ أي لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه، وقوله عزّ وجلّ :﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ﴾ أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾، وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة. والله تعالى أعلم.