أخبر الله تعالى عن حال السعداء فقال :﴿ إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ﴾ وذلك بضد ما أولئك فيه من العذاب والنكال، ﴿ فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ﴾ أي يتفكهون بما آتاهم الله من النعيم، من أصناف الملاذ من مآكل ومشارب، وملابس ومساكن ومراكب وغير ذلك، ﴿ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم ﴾ أي وقد نجاهم من عذاب النار، وتلك نعمة مستقلة بذاتها، مع ما أضيف إليها من دخول الجنة، التي فيها من السرور ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وقوله تعالى :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾، كقوله تعالى :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الأيام الخالية ﴾ [ الحاقة : ٢٤ ] أي هذا بذاك تفضلاً منه وإحساناً، وقوله تعالى :﴿ مُتَّكِئِينَ على سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ ﴾ قال ابن عباس : السرور في الحجال، وفي الحديث :« إن الرجل ليتكىء المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه » وعن ثابت قال :« بلغنا أن الرجل ليتكىء في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه، وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم، فإذا حانت منه نظرة، فإذا أزواج له لم يكن رآهن قبل ذلك فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيباً » ومعنى ﴿ مَّصْفُوفَةٍ ﴾ أي وجوه بعضهم إلى بعض كقوله :﴿ على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ [ الحجر : ٤٧، الصافات : ٤٤ ]، ﴿ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾ أي وجعلنا لهم قرينات صالحات، وزوجات حساناً من الحور العين، وقال مجاهد ﴿ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾ أنكحناهم بحور عين، وقد تقدم وصفهن في غير موضع بما أغنى عن إعادته هاهنا.


الصفحة التالية
Icon