قال ابن عباس : اللغو الباطل، والتأثيم الكذب، وقال مجاهد : لا يستبون ولا يؤثمون؛ وقال قتادة : كان ذلك في الدنيا مع الشيطان، فنزه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وأذاها، فنفى عنها صداع الرأس ووجع البطن وإزالة العقل بالكلية، وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذياناً وفحشاً، وأخبر بحسن منظرها وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ [ الصافات : ٤٦-٤٧ ] وقال :﴿ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ ﴾ [ الواقعة : ١٩ ]. وقال هاهنا :﴿ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ ﴾. وقوله تعالى :﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ﴾ إخبار عن خدمهم وحشمهم في الجنة، كأنهم اللؤلؤ الرطب المكنون، في حسنهم وبهائهم ونظافتهم وحسن ملابسهم، كما قال تعالى :﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ﴾ [ الواقعة : ١٧-١٨ ]. وقوله تعالى :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ أي أقلبوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا، كما يتحادث أهل الشراب على شرابهم، ﴿ قالوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ في أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾ أي كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلينا خائفين من ربنا، مشفقين من عذابه وعقابه ﴿ فَمَنَّ الله عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السموم ﴾ أي فتصدق علينا وأجازنا مما نخاف، ﴿ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ﴾ أي نتضرع غليه فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا ﴿ إِنَّهُ هُوَ البر الرحيم ﴾، عن أنَس قال، قال رسول الله ﷺ :« إذا دخل أهل الجنة الجنة اشتاقوا إلى الإخوان فيجيء سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا، فيتحدثان، فيتكىء هذا ويتكىء هذا فيتحدثان بما كان في الدنيا، فيقول أحدهما لصاحبه : يا فلان تدري أي يوم غفر الله لنا؟ يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله عزّ و جلّ فغفر لنا » وعن مسروق عن عائشة أنها قرأت هذه الآية :﴿ فَمَنَّ الله عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السموم * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البر الرحيم ﴾ فقالت : اللهم منّ علينا، وقنا عذاب السموم، إنك أنت البر الرحيم : قيل للأعمش : في الصلاة؟ قال : نعم.