يقول تعالى منكراً على المشركين، في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى، وجعلهم لها أنها بنات الله، تعالى الله عن ذلك، كما قال الله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٩ ] ولهذا قال تعالى :﴿ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ﴾ أي ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه، بل هو كذب وزور وافتراء وكفر شنيع، ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً ﴾ أي لا يجدي شيئاً ولا يقوم أبداً مقام الحق، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله ﷺ قال :« إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث » وقوله تعالى :﴿ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تولى عَن ذِكْرِنَا ﴾ أي أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره، وقوله :﴿ وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحياة الدنيا ﴾ أي وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا، فذاك هو غاية ما لا خير فيه، ولهذا قال تعالى :﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ العلم ﴾ أي طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه، وقد روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ :« الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له »، وفي الدعاء المأثور :« اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا »، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى ﴾ أي هو الخالق لجميع المخلوقات، والعالم بمصالح عباده، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته.


الصفحة التالية
Icon