﴿ هذا نَذِيرٌ ﴾ يعني محمداً ﷺ، ﴿ مِّنَ النذر الأولى ﴾ أي من جنسهم أرسل كما أرسلوا، كما قال تعالى :﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرسل ﴾ [ الأحقاف : ٩ ]، ﴿ أَزِفَتِ الآزفة ﴾ أي اقتربت القريبة وهي القيامة، ﴿ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ ﴾ أي لا يدفعها إذاً من دون الله أحد، ولا يطلع على علمها سواه، و ( النذير ) الحذر لما يعاين من الشر، الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم، وفي الحديث :« أنا النذير العريان » أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئاً، بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك، فجاءهم عرياناً مسرعاً وهو مناسب لقوله :﴿ أَزِفَتِ الآزفة ﴾ أي اقتربت القريبة يعني يوم القيامة، قال ﷺ :« مثلي ومثل الساعة كهاتين »، وفرّق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام. ثم قال تعالى منكراً على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم ﴿ أَفَمِنْ هذا الحديث تَعْجَبُونَ ﴾ ؟ من أن يكون صحيحاً، ﴿ وَتَضْحَكُونَ ﴾ منه استهزاء وسخرية، ﴿ وَلاَ تَبْكُونَ ﴾ أي كما يفعل الموقون به كما أخبر عنهم، ﴿ َيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ﴾ [ الإسراء : ١٠٩ ]، وقوله تعالى :﴿ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ ﴾ قال ابن عباس :﴿ سَامِدُونَ ﴾ معرضون، وكذا قال مجاهد وعكرمة، وقال الحسن : غافلون، وهو رواية عن علي بن أبي طالب، وفي رواية عن ابن عباس : تستكبرون، وبه يقول السدي. ثم قال تعالى آمراً لعباده بالسجود له والعبادة :﴿ فاسجدوا لِلَّهِ واعبدوا ﴾، أي فاخضعوا له وأخلصوا ووحّدوه. روى البخاري عن ابن عباس قال :« سجد النبي ﷺ بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس ».