وهذا إخبار عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم صالحاً ﴿ فقالوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ ﴾ يقولون : لقد خبنا وخسرنا إن سلمنا كلنا قيادنا لواحد منا، ثم تعجبوا من إلقاء الوحي عليه خاصة من دونهم، ثم رموه بالكذب فقالوا ﴿ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾ أي متجاوز في حد الكذب، قال الله تعالى :﴿ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الكذاب الأشر ﴾ وهذا تهديد لهم شديد ووعيد أكيد، ثم قال تعالى :﴿ إِنَّا مُرْسِلُواْ الناقة فِتْنَةً لَّهُمْ ﴾ أي اختباراً لهم، أخرج الله تعالى لهم ناقة عظيمة عشراء، من صخرة صماء، طبق ما سألوا، لتكون حجة الله عليهم في تصديق ( صالح ) عليه السلام فيما جاءهم به، ثم قال تعالى آمراً لعبده ورسوله صالح ﴿ فارتقبهم واصطبر ﴾، أي انتظر ما يؤول إليه أمرهم واصبر عليهم، فإن العاقبة لك والنصر في الدنيا والآخرة ﴿ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ المآء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ﴾ أي يوم لهم ويوم للناقة، كقوله :﴿ قَالَ هذه نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴾ [ الشعراء : ١٥٥ ]، وقوله تعالى :﴿ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ﴾ قال مجاهد : إذا غابت حضروا الماء، وإذا جاءت حضروا اللبن، ثم قال تعالى :﴿ فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فتعاطى فَعَقَرَ ﴾ قال المفسرون : هو عاقر الناقة واسمه ( قدار بن سالف ) وكان أشقى قومه، كقوله :﴿ إِذِ انبعث أَشْقَاهَا ﴾ [ الشمس : ١٢ ]، ﴿ فتعاطى ﴾ أي حسر ﴿ فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ أي فعاقبتهم فكيف كان عقابي لهم على كفرهم بي وتكذيبهم رسولي، ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر ﴾ أي فبادوا عن آخرهم لم تبق منهم باقية، وخمدوا وهمدوا كما يهمد يبيس الزرع والنبات، قاله غير واحد من المفسرين و ﴿ المحتظر ﴾ قال السدي : هو المرعى بالصحراء حين ييبس ويحترق وتسفيه الريح، وقال ابن زيد : كانت العرب يجعلون حظاراً على الإبل والمواشي من يبس الشوك، فهو المراد من قوله :﴿ كَهَشِيمِ المحتظر ﴾.


الصفحة التالية
Icon