، وقال الإمام مالك، عن أبي هريرة « أن رسول الله ﷺ قال :» نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزء من نار جهنم «، فقالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية، فقال :» إنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً « »، وفي لفظ :« والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها ».
وقوله تعالى :﴿ وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ ﴾ قال ابن عباس ومجاهد : يعني بالمقوين المسافرين، واختاره ابن جرير، وقال ابن أسلم : المقوي ههنا الجائع، وقال ليث، عن مجاهد ﴿ وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ ﴾ : للحاضر والمسافر، لكل طعام لا يصلحه إلا النار، وعنه :﴿ لِّلْمُقْوِينَ ﴾ يعني المستمتعين من الناس أجمعين، وهذا التفسير أعم من غيره، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير، الجميع محتاجون إليها للطبخ والاصطلاء والإضاءة، وغير ذلك من المنافع، ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الأحجار وخالص الحديد، بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه، فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى وأوقد ناره فاطبخ بها واصطلى بها واشتوى واستأنس بها، وانتفع بها سائر الانتفاعات، فلهذا أفرد المسافرون، وإن كان ذلك عاماً في حق الناس كلهم، وفي الحديث :« المسلمون شركاء في ثلاثة : النار والكلأ والماء » وفي رواية :« ثلاثة لا يمنعن : الماء والكلأ والنار » وقوله تعالى :﴿ فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم ﴾ أي الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة، الماء الزلال العذب البارد، ولو شاء لجعله ملحاً أجاجاً كالبحار المغرقة، وخلق النار المحرقة، وجعل ذلك مصلحة للعباد، وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم، وزجراً لهم في المعاد.