ولا شك أن الصدّيق أبا بكر رضي الله عنه له الحظ الأوفر من هذه الآية، فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله عزَّ وجلَّ، ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها.
قوله تعالى :﴿ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً ﴾ قال عمر بن الخطاب : هو الإنفاق في سبيل الله، وقيل : هو النفقة على العيال، والصحيح أنه أعم من ذلك، فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة، وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الآية، ولهذا قال تعالى :﴿ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ﴾، كما قال في الآية الأُخرى ﴿ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ] ﴿ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ أي جزاء جميل ورزق باهر وهو الجنة يوم القيامة، عن عبد الله بن مسعود قال :« لما نزلت هذه الآية ﴿ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ﴾ قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله، وإن الله ليريد منا القرض؟ قال :» نعم يا أبا الدحداح «، قال : أرني يدك يا رسول الله، قال، فناوله يده، قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي، وله حائط في ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها، قال، فجاء أبو الدحداح، فناداها : يا أم الدحداح، قالت : لبيك، قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عزّ وجلّ » وفي رواية « أنها قالت له : ربح بيعك يا أبا الدحداح »، ونقلت منه متاعها وصبيانها، وإن رسول الله ﷺ قال :« كم من عِذْق رَدَاح في الجنة لأبي الدحداح ».