وعن محمد بن مسلمة أن رسول الله ﷺ بعثه إلى بني النضير، وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاثة أيام.
وقوله تعالى :﴿ وَلَهُمْ فِي الآخرة عَذَابُ النار ﴾ أي حتم لازم لا بد لهم منه، وقوله تعالى :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ ﴾ أي إنما فعل الله بهم ذلك وسلط عليهم رسوله وعباده المؤمنين، لأنهم خالفوا الله ورسوله وكذبوا بما أنزل الله على رسله المتقدمين في البشارة بمحمد ﷺ، وهم يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم، ثم قال :﴿ وَمَن يُشَآقِّ الله فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب ﴾، وقوله تعالى :﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً على أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ الله وَلِيُخْزِيَ الفاسقين ﴾ اللين نوع من التمر وهو جيد، قال أبو عبيدة : وهو ما خالف العجوة والبرني من التمر، وقال كثيرون من المفسرين : اللينة ألوان التمر سوى العجوة، قال ابن جرير : هو جميع النخل، وذلك « أن رسول الله ﷺ لما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانة لهم وإرعاباً لقلوبهم، فبعث بنو قريظة يقولون لرسول الله ﷺ إنك تنهي عن الفساد، فما بالك تأمر بقطع الأشجار؟ فأنزل الله هذه الآية الكريمة، أي ما قطعتم من لينة وما تركتم من الأشجار فالجميع بإذنه ومشيئته وقدره ورضاه، وفيه نكاية بالعدو وخزي لهم، وإرغام لأنوفهم ». روى الإمام أحمد، عن ابن عمر « أن رسول الله ﷺ قطع نخل بن النضير وحرّق » ولفظ البخاري، عن ابن عمر قال : حاربت النضير وقريظة فأجلى بن النضير، وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة، فقتل من رجالهم وسبى وقسم نساءهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي ﷺ فأمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع، وهم رهط ( عبد الله بن سلام ) ويهود بني حارثة وكل يهود بالمدينة. وفي « الصحيحين » عن ابن عمر :« أن رسول الله ﷺ حرق نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فأنزل الله عزّ وجلّ :﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً على أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ الله وَلِيُخْزِيَ الفاسقين ﴾ » ولها يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه :

وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
قال أبو إسحاق : كانت وقعة بني النضير بعد وقعة أُحُد وبد بئر معونة، وحكى البخاري عن الزهري عن عروة أنه قال : كانت وقعة بني النضير بعد بدر بستة أشهر.


الصفحة التالية
Icon