﴿ لاَ تَتَّخِذُواْ الذين اتخذوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً ﴾ [ المائدة : ٥٧ ] الآية. وقال تعالى :﴿ لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ﴾ [ آل عمران : ٢٨ ] ولهذا قبل رسول الله ﷺ عذر حاطب، لما ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعة لقريش، لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد.
وقوله تعالى :﴿ يُخْرِجُونَ الرسول وَإِيَّاكُمْ ﴾ هذا مع ما قبله من التهييج على عداوتهم وعدم موالاتهم لأنهم أخرجوا الرسول وأصحابه من بين أظهرهم، كراهة لما هم عليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده، ولهذا قال تعالى :﴿ أَن تُؤْمِنُواْ بالله رَبِّكُمْ ﴾ أي لم يكن لكم عندهم ذنب إلاّ إيمانكم بالله رب العالمين، كقوله تعالى :﴿ وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بالله العزيز الحميد ﴾ [ البروج : ٨ ]، وكقوله تعالى :﴿ الذين أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا الله ﴾ [ الحج : ٤٠ ]، وقوله تعالى :﴿ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وابتغآء مَرْضَاتِي ﴾ أي إن كنتم كذلك فلا تتخذوهم أولياء، إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي فلا توالوا أعدائي، وقد أخرجوكم من دياركم وأموالكم، حنقاً عليكم وسخطاً لدينكم، وقوله تعالى :﴿ تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بالمودة وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ ﴾ أي تفعلون ذلك وأنا العالم بالسرائر والضمائر والظواهر، ﴿ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السبيل * إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً ويبسطوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بالسواء ﴾ أي لو قدروا عليكم لما اتقوا فيكم من أذى ينالونكم به بالمقال والفعال، ﴿ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾ أي ويحرصون على أن لا تنالوا خيراً، فعداوتهم لكم كامنة وظاهرة فكيف توالون مثل هؤلاء؟ وهذا تهييج على عداوتهم أيضاً، وقوله تعالى :﴿ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ القيامة يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ أي قراباتكم لا تنفعكم عند الله، إذ أراد الله بكم سوءاً ونفعهم لا يصل إليكم إذا أرضيتموهم بما يسخط الله، ومن وافق أهله على الكفر ليرضيهم، فقد خاب وخسر وضل عمله، ولا ينفعه عند الله قرابته من أحد.