يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذٍ، فقال تعالى :﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً ﴾ أي على المنبر تخطب، عن جابر رضي الله عنه، قال : قدمت عير مرة المدينة ورسول الله ﷺ يخطب فخرج الناس، وبقي اثنا عشر رجلاً فنزلت :﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا ﴾. وروى الحافظ أبو يعلى، عن جابر بن عبد الله قال :« بينما النبي ﷺ يخطب يوم الجمعة، فقدمت عير إلى المدينة، فابتدروها أصحاب رسول الله ﷺ حتى لم يبق مع رسول الله ﷺ إلا اثنا عشر رجلاً، فقال رسول الله ﷺ :» والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لم يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً « » ونزلت هذه الآية :﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً ﴾، وقال : كان في الأثني عشر الذين ثبتوا مع رسول الله ﷺ : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وفي قوله تعالى :﴿ وَتَرَكُوكَ قَآئِماً ﴾ دليل على أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائماً، وقد روى مسلم في « صحيحه » عن جابر بن سمرة قال : كانت للنبي ﷺ خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكّر الناس، ولكن ههنا شيء ينبغي أن يعلم وهو أن هذه القصة قد قيل إنها كانت لما كان رسول الله ﷺ يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة، كما رواه أبو داود في كتاب « المراسيل »، عن مقاتل بن حيان يقول : كان رسول الله صلىلله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين، حتى إذا كان يوم والنبي ﷺ وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة، يعني فانفضوان ولم يبقى معه إلا نفر يسير، وقوله تعالى :﴿ قُلْ مَا عِندَ الله ﴾ أي الذي عند الله من الثواب في الدار الآخرة ﴿ خَيْرٌ مِّنَ اللهو وَمِنَ التجارة والله خَيْرُ الرازقين ﴾ أي لمن توكل عليه وطلب الرزق في وقته.


الصفحة التالية
Icon