يقول تعالى آمراً لعباده المؤمنين بكثرة ذكره، وناهياً لهم عن أن تشغلهم الأموال والأولاد عن ذلك، ومخبراً لهم بأنه من التهى بمتاع الحياة الدنيا وزينتها عن طاعة ربه وذكره، فإنه من الخاسرين الذين يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ثم حثهم على الإنفاق في طاعته فقال :﴿ وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين ﴾، فكل مفرط يندم عند الاحتضار، ويسأل طول المدة ليستعتب ويستدرك ما فاته وهيهات، كما قال تعالى :﴿ وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب فَيَقُولُ الذين ظلموا رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل ﴾ [ إبراهيم : ٤٤ ]، وقال تعالى :﴿ حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ رَبِّ ارجعون * لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [ الأنبياء : ٩٩-١٠٠ ]، ثم قال تعالى :﴿ وَلَن يُؤَخِّرَ الله نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي لا ينظر أحداً بعد حلول أجله، وهو أعلم وأخبر بمن يكون صادقاً في قوله وسؤاله، ممن لو رد لعاد إلى شر ما كان عليه، ولهذا قال تعالى :﴿ والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾. روى الترمذي عن ابن عباس قال : من كان له مال يبلغه حج بيت ربه، أو تجب عليه فيه زكاة لم يفعل، سأل الرجعة عند الموت، فقال رجل : يا ابن عباس اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكفار، فقال : سأتلو عليك بذلك قرآناً :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فأولئك هُمُ الخاسرون * وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين ﴾ إلى قوله :﴿ والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ قال : فما يوجب الزكاة؟ قال : إذا بلغ المال مائتين فصاعداً، قال : فما يوجب الحج؟ قال : الزاد والبعير. وروى ابن أبي حاتم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :« ذكرنا عند رسول الله ﷺ الزيادة في العمر فقال :» إن الله لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها، وإنما الزيادة في العمر أن يرزق الله العبد ذرية صالحة يدعون له، فيلحقه دعاؤهم في قبره « ».


الصفحة التالية
Icon