فصل
والمقصود من الزوج الثاني أن يكون راغباً في المرأة، قاصداً لدوام عشرتها كما هو المشروع من التزويج، واشترط الإمام مالك مع ذلك أن يطأها الثاني وطأ مباحاً، فلو وطئها وهي مُحْرمة أو صائمة أو معتكفة أو حائض أو نفساء، أو الزوج صائم أو محرم أو معتكف، لم تحل للأول بهذا الوطء، وكذا لو كان الزوج الثاني ذمياً لم تحل للمسلم بنكاحه، لأن أنكحة الكفار باطلة عنده، فأما إذا كان الثاني إنما قصده أن يحلها للأول، فهذا هو ( المحلل ) الذي وردت الأحاديث بذمه ولعنه، ومتى صرح بمقصوده في العقد بطل النكاح عند جمهور الأئمة.
ذكر الأحاديث الواردة في ذلك
الحديث الأول : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :« لعن رسول الله ﷺ : الواشمة والمستوشمة والواصلة والمستوصلة والمحلِّل والمحلَّل له، وآكل الربا وموكله ».
الحديث الثاني : عن علي رضي الله عنه قال :« لعن رسول الله ﷺ آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة للحسن ومانع الصدقة والمحلل والمحلل له، وكان ينهى عن النوح ».
الحديث الثالث : عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :« لعن الله المحلل والمحلل له »
الحديث الرابع : عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« » ألا أخبركم بالتيس المستعار «، قالوا : بلى يا رسول الله، قال :» هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له « ».
الحديث الخامس : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سئل رسول الله ﷺ عن نكاح المحلل قال :« لا، إلا نكاح رغبة، لا نكاح دلسة، ولا استهزاء بكتاب الله، ثم يذوق عسيلتها ».
الحديث السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« لعن رسول الله ﷺ المحلل والمحلل له ».
الحديث السابع : عن عمر بن نافع عن أبيه أنه قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه هل تحل للأول؟ فقال : لا إلا نكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول الله ﷺ.