يقول تعالى : وأعتدنا ﴿ وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المصير ﴾ أي بئس المآل والمنقلب، ﴿ إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً ﴾ يعني الصياح، ﴿ وَهِيَ تَفُورُ ﴾ قال الثوري : تغلي بهم كما يغلي الحَبُ القليل في الماء الكثير، وقوله تعالى :﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ ﴾ أي تكاد ينفصل بعضها من بعض، من شدة غيظها عليهم وحنقها بهم، ﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُواْ بلى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ الله مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ ﴾. يذكر تعالى عدله في خلقه، وأنه لا يعذب أحداً إلاّ بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه، كما قال تعالى :﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : ١٥ ]، وقال تعالى :﴿ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا قَالُواْ بلى ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين ﴾ [ الزمر : ٧١ ]، وهكذا عادوا على أنفسهم بالملامة، وندموا حيث لا تنفعهم الندامة، فقالوا :﴿ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السعير ﴾، أي لو كانت لنا عقول ننتفع بها لما كنا على ما كنا عليه، من الكفر، بالله والاغترار به، ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل، ولا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم، قال الله تعالى :﴿ فاعترفوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السعير ﴾. وفي الحديث :« لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم »، وفي حديث آخر :« لا يدخل أحد النار إالاّ وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة ».