يقول تعالى :﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الجاحدين لنعمه ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ الله وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الكافرين مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ أي خلصوا أنفسكم، فإنه لا منقذ لكم من الله إلاّ التوبة والإنابة، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال، فسواء عذبنا الله أو رحمنا، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم، ثم قال تعالى :﴿ قُلْ هُوَ الرحمن آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ أي آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم، وعليه توكلنا في جميع أُمورنا، كما قال تعالى :﴿ فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [ هود : ١٢٣ ]، ولهذا قال تعالى :﴿ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ أي منا ومنكم، ولمن تكون العاقبة في الدنيا والآخرة؟ ثم قال تعالى إظهاراً للرحمة في خلقه ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً ﴾ إي ذاهباً في الأرض إلى أسفل فلا ينال بالفؤوس الحداد ولا السواعد الشداد، والغائر عكس النابع، ولهذا قال تعالى :﴿ فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ ﴾ أي نابع سائح جار على وجه الأرض، أي لا يقدر على ذلك إلاّ الله عزَّ وجلَّ، فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه، وأجراها في سائر أقطار الأرض، بحسب ما يحتاج العابد إليه من القلة والكثرة، فلله الحمد والمنة.