لما ذكر حال أهل الجنة الدنيوية، وما أصابهم فيها من النقمة حين عصوا الله عزَّ وجلَّ، بيّن أن لمن اتقاه وأطاعه في الدار الآخرة جنات النعيم، التي لا تبيد ولا تفرغ ولا ينقضي نعيمها، ثم قال تعالى :﴿ أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين ﴾ ؟ أي أفنساوي بين هؤلاء وهؤلاء في الجزاء؟ كلا ورب الأرض والسماء، ولهذا قال :﴿ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ ! أي كيف تظنون ذلك، ثم قال تعالى :﴿ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ﴾ يقول تعالى أفبأيديكم كتاب منزل من السماء، تدرسونه وتحفظونه وتتداولونه، بنقل الخلف عن السلف، متضمن حكماً مؤكداً كما تدعونه؟ ﴿ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إلى يَوْمِ القيامة إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ﴾ أي أمعكم عهود منا ومواثيق مؤكدة؟ ﴿ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ﴾ أي أنه سيحصل لكم ما تريدون وتشتهون، ﴿ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ﴾ أي قل لهم من هو المتضمن المتكفل بهذا! قال ابن عباس : أيهم بذلك كفيل ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ ﴾ أي من الأصنام والأنداد ﴿ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ ﴾.