يقول تعالى مخبراً عن أهوال يوم القيامة، وأول ذلك ( نفخة الفزع )، ثم يعقبها ( نفخة الصعق ) حيث يصعق من في السماوات ومن في الأرض، إلا من شاء الله، ثم بعدها ( نخفة القيامة )، لرب العالمين، وقد أكدها ههنا بأنها واحدة لأن أمر الله لا يخالف ولا يمانع، ولا يحتاج إلى تكرار ولا تأكيد، قال الربيع : هي النخفة الأخيرة، والظاهر ما قلناه، ولهذا قال هاهنا :﴿ وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ أي فمدت مد الأديم، وتبدلت الأرض غيرا لأرض، ﴿ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الواقعة ﴾ أي قامت القيامة، ﴿ وانشقت السمآء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾. عن علي قال : تنشق السماء من المجرة، وقال ابن جريج : هي كقوله :﴿ وَفُتِحَتِ السمآء فَكَانَتْ أَبْوَاباً ﴾ [ النبأ : ١٩ ]، ﴿ والملك على أَرْجَآئِهَآ ﴾ الملك اسم جنس أي الملائكةن علىأرجاء السماء : أي حافاتها، وقال الضحّاك : أطرافها، وقال الحسن البصري : أبوابها، وقال الربيع بن أنَس في قوله :﴿ والملك على أَرْجَآئِهَآ ﴾ يقول : على ما استدق من السماء ينظرون إلى أهل الأرض، وقوله تعالى :﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ أي يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ قال :« أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام » وعن سعيد بن جبير في قوله تعالى :﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ قال : ثمانية صفوف من الملائكة. وقوله تعالى :﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ أي تعرضون على عالم السر والنجوى، الذي لا يخفى عليه شيء من أموركم، بل هو عالم بالظواهر والسرائر والضمائر، ولهذا قال تعالى :﴿ لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل توزنوا، فإنه أخف عليكم من الحساب غداً، وتزينوا للعرض الأكبر ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾، وروى الإمام أحمد، عن أبي موسى قال : قال رسول الله ﷺ :« يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات : فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ».