يقول تعالى :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا ﴾ أي محمد ﷺ، لو كان كما يزعمون مفترياً علينا، فزاد في الراسلة أو نقص منها، أوقال شيئاً من عنده، فنسبه إلينا لعاجلناه بالعقوبة، ولهذا قال تعالى :﴿ لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ﴾ قيل : معناه لانتقمنا منه باليمين لأنها أشد في البطش، وقيل : لأخذنا بيمينه، ﴿ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين ﴾ قال ابن عباس : وهو نياط القلب، وهو العرق الذي القلب معلق فيه؛ وقال محمد بن كعب : هو القلب ومراقه وما يليه، وقوله تعالى :﴿ فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ أي فما يقدر أحد منكم على أن يحجز بيننا وبينه، إذا أردنا به شيئاً من ذلك، والمعنى في هذا بل هو صادق بار راشد، لأن الله عزَّ وجلَّ مقرر له ما يبلغه عنه، ومؤيد له بالمعجزات الباهرات والدلالات القاطعات، ثم قال تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾. كما قال تعالى :﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ ﴾ [ فصلت : ٤٤ ] ثم قال تعالى :﴿ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ ﴾ أي مع هذا البيان والوضوح، سيوجد منكم من يكذب بالقرآن، ثم قال تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الكافرين ﴾ قال ابن جرير : وإن التكذيب لحسرة على الكافرين يوم القيامة، ويحتمل عود الضمير على القرآن، أي وإن القرآن والإيمان به لحسرة في نفس الأمر على الكافرين، كما قال تعالى :﴿ كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ المجرمين ﴾ [ الشعراء : ٢٠٠ ]، وقال تعالى :﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ [ سبأ : ٥٤ ]، ولهذا قال هاهنا :﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ اليقين ﴾ أي الخبر الصدق الحق، الذي لا مرية فيه ولا شك ولا ريب، ثم قال تعالى :﴿ فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم ﴾ أي الذي أنزل هذا القرآن العظيم.


الصفحة التالية
Icon