يقول تعالى العذاب واقع بالكافرين ﴿ يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل ﴾، قال ابن عباس، ومجاهد : أي كدردي الزيت، ﴿ وَتَكُونُ الجبال كالعهن ﴾ أي كالصوف المنفوش، قاله مجاهد وقتادة، وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش ﴾ [ القارعة : ٥ ]، وقوله تعالى :﴿ وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً * يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ أي لا يسأل القريب قريبه عن حاله، وهو يراه في أسوأ الأحوال فتشغله نفسه عن غيره. قال ابن عباس : يعرف بعضهم بعضاً ويتعارفون بينهم، ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك، يقول الله تعالى :﴿ لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [ عبس : ٣٧ ]، وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى :﴿ واخشوا يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً ﴾ [ لقمان : ٣٣ ]، وكقوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وصاحبته وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [ عبس : ٣٤-٣٧ ]، وقوله تعالى :﴿ يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ التي تُؤْوِيهِ * وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ * كَلاَّ ﴾ أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض، وبأعز ما يجده من المال، ولو بملء الأرض ذهباً، أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده، يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به، قال مجاهد والسدي :﴿ فَصِيلَتِهِ ﴾ قبيلته وعشيرته، وقال عكرمة، فخذه الذي هو منهم، وقوله تعالى :﴿ إِنَّهَا لظى ﴾ يصف النار وشدة حرها ﴿ نَزَّاعَةً للشوى ﴾، قال ابن عباس ومجاهد : جلدة الرأس، وعن ابن عباس :﴿ نَزَّاعَةً للشوى ﴾ الجلود والهام، وقال أبو صالح ﴿ نَزَّاعَةً للشوى ﴾ يعني أطراف اليدين والرجلين، وقال الحسن البصري : تحرق كل شيء فيه ويبقى فؤاده يصيح، وقال الضحّاك : تبري اللحم والجلد عن العظم، حتى لا تترك منه شيئاً، وقوله تعالى :﴿ تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى * وَجَمَعَ فأوعى ﴾ أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها، فتدعوهم يوم القيامة بلسان طلق ذلق، ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر، كما يلتقط الطير الحب، وذلك أنهم كانوا ممن أدبر وتولى، أي كذب بقلبه وترك العمل بجوارحه ﴿ وَجَمَعَ فأوعى ﴾ أي جمع المال بعضه على بعض، فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه، من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة، وقد ورد في الحديث :« ولا توعي فيوعي الله عليك »، وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيساً، يقول، سمعت الله يقول :﴿ وَجَمَعَ فأوعى ﴾، وقال الحسن البصري : يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا، وقال قتادة في قوله :﴿ وَجَمَعَ فأوعى ﴾ قال : كان جموعاً قموماً للخبيث.


الصفحة التالية
Icon