يقول تعالى :﴿ مِّمَّا خطيائاتهم أُغْرِقُواْ ﴾ أي من كثرة ذنوبهم وعتوهم، وإصرارهم على كفرهم، ومخالفتهم رسولهم، ﴿ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً ﴾ أي نقلوا من البحار إلى حرارة النار، ﴿ فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ الله أَنصَاراً ﴾ أي لم يكن لهم معين ولا مجير، ينقذهم من عذاب الله، كقوله تعالى :﴿ قَالَ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ ﴾ [ هود : ٤٣ ]. ﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾ أي لا تترك على وجه الأرض منهم أحداً، ولا ﴿ دَيَّاراً ﴾ وهذه من صيغ تأكيد النفي، قال الضحّاك ﴿ دَيَّاراً ﴾ واحداً، وقال السدي : الديار الذي يسكن الدار، فاستجاب الله له فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين، حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه، وقال :﴿ سآوي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المآء ﴾ [ هود : ٤٣ ] عن ابن عباس قال، قال رسول الله ﷺ :« لو رحم الله من قوم نوح أحداً لرحم امرأة لما رأت الماء حملت ولدها، ثم صعدت الجبل، فلما بلغها الماء صعدت به منكبها، فلما بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها، فلما بلغ الماء رأسها رفع ولدها بيدها، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم هذه المرأة »، ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا من نوح عليه السلام وهم الذين أمره الله بحملهم معه، وقوله تعالى :﴿ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ ﴾ أي إنك إن أبقيت منهم أحداً، أضلوا عبادك اي الذين تخلقهم بعدهم ﴿ وَلاَ يلدوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً ﴾ أي فاجراً في الأعمال كافر القلب، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلاّ خمسين عاماً ثم قال :﴿ رَّبِّ اغفر لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً ﴾ قال الضحّاك يعني مسجدي، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها وهو أنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن، وقد روى الإمام أحمد، عن أبي سعيد أنه سمع رسول الله ﷺ يقول :« لا تصحب إلاّ مؤمناً ولا يأكل طعامك إلاّ تقي »، وقوله تعالى :﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ﴾ دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات وذلك يعم الأحياء منهم والأموات، ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء اقتداء بنوح عليه السلام، وبما جاء في الآثار، والأدعية المشهورة المشروعة، وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ تَبَاراً ﴾ قال السدي : إلاّ هلاكاً. وقال مجاهد : إلاّ خساراً أي في الدنيا والآخرة.