يقول تعالى :﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين ﴾ يعني المكذبين للرسل المخالفين لما جاءهم به، ﴿ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين ﴾ أي ممن أشبههم، ولهذا قال تعالى :﴿ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾، ثم قال تعالى ممتناً على خلقه ومحتجاً على الإعادة بالبداءة :﴿ أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ﴾ أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عزَّ وجلَّ، كما تقدم في سورة يس :« ابن آدم أنّى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه؟ » ﴿ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴾ يعني جمعناه في الرحم، وهو حافظ لما أودع فيه من الماء، وقوله تعالى :﴿ إلى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ يعني إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر، ولهذا قال تعالى :﴿ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القادرون * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾، ثم قال تعالى :﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْواتاً ﴾ قال مجاهد : يكفت الميت فلا يرى منه شيء، وقال الشعبي : بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم، ﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ ﴾ يعني الجبال رسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب، ﴿ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً ﴾ أي عذباً زلالاً من السحاب، أو مما أنبعه من عيون الأرض، ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات، الدّالة على عظمة خالقها، ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.