[ هود : ١٠٧-١٠٨ ] في أهل التوحيد، قال بن جرير : والصحيح أنها لا انقضاء لها، كما روي عن سالم : سمعت الحسن يسأل عن قوله تعالى :﴿ لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ﴾ قال أما الأحقاب فليس لها عدة إلا الخلود في النار، ولكن ذكروا أن الحقب سبعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون، وقال قتادة، قال الله تعالى :﴿ لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ﴾ وهو ما لا انقطاع له وكلما مضى حقب جاء حقب بعده. وقال الربيع بن أنس :﴿ لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ﴾ لا يعلم عدة هذه الأحاب إلا الله عزَّ وجلَّ، وذكر لنا أن الحقب الواحد ثمانون سنة، والسنة ثلثمائة وستون يوماً، كل يوم كألف سنة مما تعدون.
وقوله تعالى :﴿ لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً ﴾ أي لا يجدون في جهنم برداً لقلوبهم، ولا شراباً طيباً يتغذون به، ولهذا قال تعالى :﴿ إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً ﴾، وقال أبو العالية : استثنى من البرد الحميم، ومن الشارب الغساق، قال الربيع بن أنَس : فأما الحميم فهو الحار الذي قد انتهى حره وحمُّوه، والغساق هو ما اجتمع من صديد أهل النار، وعرقهم ودموعهم وجروحهم، فهو بارد لا يستطاع من برده ولا يواجه من نتنه، وقوله تعالى :﴿ جَزَآءً وِفَاقاً ﴾ أي هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة، وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا، ثم قال تعالى :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً ﴾ أي لم يكونوا يعتقدون أن ثم داراً يجازون فيها ويحاسبون، ﴿ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً ﴾ أي وكانوا يكذبون بحجج الله ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسُلِهِ صلوات الله وسلامه عليهم فيقابلونها بالتكذيب والمعاندة، وقوله ﴿ كِذَّاباً ﴾ أي تكذيباً، وهو مصدر من غير الفعل، وقوله تعالى :﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ﴾ أي وقد علمنا أعمال العباد وكتبناها عليهم، وسنجزيهم على ذلك إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وقوله تعالى :﴿ فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً ﴾ أي يقال لأهل النار ذوقوا ما أنتم فيه فلن نزيدكم إلاّ عذاباً من جنسه وآخر من شكله أزواج قال قتادة : لم ينزل على آية أشد من هذه الآية ﴿ فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً ﴾ فهم في مزيد من العذاب أبداً.


الصفحة التالية
Icon