« إن العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن زاد زادت، فذلك قوله تعالى :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ » ولفظ النسائي :« إن العبد إذا أخطأ خطئية نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، فهو الران الذي قال الله تعالى :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ » وقال الحسن البصري : هو الذنب حتى يعمى القلب فيموت، وقوله تعالى :﴿ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ أي ثم هم يوم القيامة محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم، قال الإمام الشافعي : وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عزَّ وجلَّ يومئذٍ، وهذا الذي قاله في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله تعالى :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [ القيامة : ٢٢-٢٣ ]، وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة، في رؤية المؤمنين ربهم عزَّ وجلَّ في الكافرون، وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية، وقوله تعالى :﴿ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ الجحيم ﴾ أي ثم هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن، من أهل النيران، ﴿ ثُمَّ يُقَالُ هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ أي يقال لهم ذلك، على وجه التقريع والتوبيخ، والتصغير والتحقير.


الصفحة التالية
Icon