يخبر تعالى عن المجرمين، أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين، أي يستهزئون بهم ويحتقرونهم، وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم أي محتقرين لهم ﴿ وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَكِهِينَ ﴾ أي وإذا انقلب : أي رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم انقلبوا إليها فاكهين، أي مهما طلبوا وجدوا، ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم، بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحقرونهم ويحسدونهم ﴿ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قالوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ ﴾ أي لكونهم على غير دينهم، قال الله تعالى :﴿ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ﴾ أي وما بعث هؤلاء المجرمون، حافظين على هؤلاء المؤمنين، ما يصدر منهم من أعمالهم وأقوالهم، ولا كلفوا بهم، فلم اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم؟ كما قال تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فاغفر لَنَا وارحمنا وَأَنتَ خَيْرُ الراحمين * فاتخذتموهم سِخْرِيّاً حتى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴾ [ المؤمنون : ١٠٩-١١٠ ]، ولهذا قال ههنا :﴿ فاليوم ﴾ يعني يوم القيامة ﴿ الذين آمَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ ﴾ أي في مقابلة ما ضحك بهم أولئك ﴿ عَلَى الأرآئك يَنظُرُونَ ﴾ أي إلى الله عزَّ وجلَّ، ينظرون إلى ربهم في دار كرامته، وقوله تعالى :﴿ هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ ؟ أي هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين، من الاستهزاء والسخرية أم لا؟ يعني قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكلمه.


الصفحة التالية
Icon