لما ذكر حال الأشقياء ثَنى بذكر السعداء فقال :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي يوم القيامة، ﴿ نَّاعِمَةٌ ﴾ أي يعرف النعيم فيها، وإنما حصل لها ذلك بسعيها، ﴿ لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴾ قد رضيت عملها، وقوله تعالى :﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ أي رفيعة بهية في الغرقات آمنون، ﴿ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً ﴾ أي لا تسمع في الجنة التي هم فيها كلمة لغو، كما قال تعالى :﴿ لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً ﴾ [ الواقعة : ٢٥ ]، وقال تعالى :﴿ لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ ﴾ [ الطور : ٢٣ ]، ﴿ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ﴾ أي سارحة وليس المراد بها عيناً واحدة وإنما هذا جنس يعني فيها عيون جاريات، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك »، ﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ﴾ أي عالية ناعمة، كثيرة الفرش مرتفعة السمك عليها الحور العين، فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك السرر العالية تواضعت له، ﴿ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ﴾ يعني أواني الشرب معدة مرصدة لمن أرادها، ﴿ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ﴾ قال ابن عباس : النمارق الوسائد، وقوله تعالى :﴿ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ قال ابن عباس : الزرابي البسط، ومعنى مبثوثة : أي هاهنا وهنا لمن أراد الجلوس عليها، عن أُسامة بن زيد قال : قال رسول الله ﷺ :« » ألا هل من مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سليمة، وفاكهة وخضرة، وحبرة ونعمة، في محلة عالية بهية «!، قالوا : نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها، قال :» قولوا : إن شاء الله « قال القوم إن شاء الله ».