يخبر تعالى عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم، بسبب ما كانوا عليه من الطغيان والبغي، فأعقبهم ذلك تكذيباً في قلوبهم بما جاءهم به رسولهم ﷺ من الهدى واليقين ﴿ إِذِ انبعث أَشْقَاهَا ﴾ أي أشقى القبيلة وهو ( قدار بن سالف ) عاقر الناقة، وهو الذي قال الله تعالى :﴿ فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فتعاطى فَعَقَرَ ﴾ [ القمر : ٢٩ ] الآية، وكان هذا الرجل عزيزاً شريفاً في قومه، نسيباً رئيساً مطاعاً، كما قال الإمام أحمد :« خطب رسول الله ﷺ فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها، فقال :» ﴿ إِذِ انبعث أَشْقَاهَا ﴾ انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة « » وروى ابن أبي حاتم، عن عمار بن ياسر قال، قال رسول الله ﷺ لعلي :« ألا أحدثك بأشقى الناس؟ » قال : بلى، قال :« رجلان أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذا - يعني قرنه - حتى تبتل منه هذه » يعني لحيته « وقوله تعالى :﴿ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله ﴾ يعني صالحاً عليه السلام ﴿ نَاقَةَ الله ﴾ أي احذروا ناقلة الله أن تمسوها بسوء، ﴿ وَسُقْيَاهَا ﴾ أي لا تعتدوا عليها في سقياها فإن لها شرب يوم، ولكم شرب يوم معلوم، قال الله تعالى :﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ﴾ أي كذبوه فيما جاءهم به، فأعقبهم ذلك أن عقروا الناقة، التي أخرجها الله من الصخرة آية لهم وحجة عليهم، ﴿ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ ﴾ أي غضب عليهم فدمّر عليهم، ﴿ فَسَوَّاهَا ﴾ أي فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء. قال قتادة : بلغنا أن أحيمر ثمود لم يعقر الناقة حتى تابعه صغيرهم وكبيره وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها دمدم الله عليهم بذنبهم فسواها، وقوله تعالى :﴿ وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾ قال ابن عباس : لا يخاف الله من أحد تبعة، وقال الضحّاك والسدي :﴿ وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾ أي لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع، والقول الأول أولى لدلالة السياق عليه، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon