وقوله تعالى :﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فأغنى ﴾ كقوله :﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان ﴾ [ الشورى : ٥٢ ] الآية، ومنهم من قال : إن المراد بهذا أن النبي ﷺ ضلّ في شعاب مكّة وهو صغير ثم رجع، وقيل : إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام وكان راكباً ناقة في الليل، فجاء إبليس فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق، حكاهما البغوي، وقوله تعالى :﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فأغنى ﴾ أي كنت فقيراً ذا عيال فأغناك الله عمن سواه، فجمع له بين مقامي الفقير الصابر، والغني الشاكر، صلوات الله وسلامه عليه، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ :« ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس » وفي « صحيح مسلم » عن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله ﷺ :« قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه » ثم قال تعالى :﴿ فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ ﴾ أي كما كنت يتيماً فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، أي لا تذله وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه وتلطف به، وقال قتادة : كن لليتم كالأب الرحيم، ﴿ وَأَمَّا السآئل فَلاَ تَنْهَرْ ﴾ أي وكما كنت ضالاً فهداك الله، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد، قال ابن إسحاق :﴿ وَأَمَّا السآئل فَلاَ تَنْهَرْ ﴾ أي فلا تكن جباراً ولا متكبراً، ولا فحاشاً ولا فظاً على الضعفاء من عباد الله، وقال قتادة : يعني ردّ المسكين برحمة ولين، ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ أي وكما كنت عائلاً فقيراً فأغناك الله، فحدث بنعمة الله عليك، كما جاء في الدعاء المأثور :« واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك، قابليها وأتمها علينا »