﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [ الدخان : ٤ ]، وروى أبو داود الطيالسي، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال في ليلة القدر :« إنها ليلة سابعة، أو تاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى » وقال قتادة وابن زيد في قوله :﴿ سَلاَمٌ هِيَ ﴾ يعني هي خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر، وأمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة، كأن فيها قمراً ساطعاً، سكانة ساجية لا برد فيها ولا حر، والشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال : في ليلة القدر :« ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء » وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ قال :« إني رأيت ليلة القدر فأنسيتها وهي في العشر الأواخر من لياليها وهي طلقة بلجة. لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمراً لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها ».

فصل


اختلف العلماء هل كانت ليلة القدر في الأمم السالفة أو هي من خصائص هذه الأمة؟ فقال الزهري : حدثنا مالك أنه بلغه « أن رسول الله ﷺ أُرِي أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أُمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر » وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصيص هذه الأمة بليلة القدر. وقيل : إنها كانت في الأمم الماضين كما هي في أمتنا. ثم هي باقية إلى يوم القيامة وفي رمضان خاصة لا كما روي عن ابن مسعود ومن تابعه من علماء أهل الكوفة من أنها توجد في جميع السنة، وترتجى في جيمع الشهور على السواء، وقد ترجم أبو داود في « سننه » على هذا فقال :( باب بيان أن ليلة القدر في كل رمضان )، ثم روى بسنده عن عبد الله بن عمر قال :« سئل رسول الله ﷺ وأنا أسمع عن ليلة القدر؟ فقال : هي في كل رمضان »، وقد حكي عن أبي حنيفة رحمه الله رواية أنها ترتجى في كل شهر رمضان وهو وجه حكاه الغزالي.


الصفحة التالية
Icon