يخبر تعالى عن مآل الفجار من كفرة أهل الكتاب والمشركين، المخالفين لكتب الله المنزلة وأنبياء الله المرسلة، أنهم يوم القيامة في نار جهنم ﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ ﴾ أي ماكثين فيها لا يحولون عنها ولا يزولون، ﴿ أولئك هُمْ شَرُّ البرية ﴾ أي شر الخليقة التي برأها الله وذرأها، ثم أخبر تعالى عن حال الأبرار الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بأبدانهم بأنهم خير البرية، و قد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة لقوله :﴿ أولئك هُمْ خَيْرُ البرية ﴾، ثم قال تعالى :﴿ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ أي يوم القيامة ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ﴾ أي بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ ﴿ رِّضِىَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ﴾ ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم القيم ﴿ وَرَضُواْ عَنْهُ ﴾ فيما منحهم من الفضل العميم. وقوله تعالى :﴿ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ أي هذا الجزاء حاصل لمن خشي الله واتقاه حق تقواه، وعبده كأنه يراه، عن أبي هريرة قال، « قال رسول الله ﷺ :» ألا أخبركم بخير البرية؟ « قالوا : بلى يا رسول الله، قال :» رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل الله كلما كانت هيعة استوى عليه، ألا أخبركم بخير البرية؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال :« رجل في ثلة من غنمه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، » ألا أخبركم بخير البرية «؟ قالوا : بلى، قال :» الذي يسأل بالله ولا يعطي به « ».