وحديث ابن مسعود : سمعنا وجبة فقلنا ما هذه؟ فقال رسول الله ﷺ :« هذا حجر ألقي به من شفير جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل إلى قعرها » وهو مسند عند مسلم، وحديث صلاة الكسوف وليلة الإسراء وغير ذلك من الأحاديث المتواترة في هذا المعنى وقد خالفت المعتزلة بجهلهم في هذا، ووافقهم القاضي منذر بن سعيد البلوطي قاضي الأندلس.
( تنبيه ينبغي الوقوف عليه ).
قوله تعالى :﴿ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ﴾ وقوله في سورة يونس :﴿ بِسُورَةٍ مِّثْلِه ﴾ [ ٣٨ ] يعم كل سورة في القرآن، طويلة كانت أو قصيرة، لأنها نكرة في سياق الشرط فتعم كما هي في سياق النفي عند المحققين من الأصوليين كما هو مقرر في موضعه، فالإعجاز حاصل في طوال السور وقصارها، وهذا ما لا أعلم فيه نزاعاً بين الناس سلفاً وخلفاً. وقد قال الرازي في تفسيره : فإن قيل قوله تعالى :﴿ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ﴾ يتناول سورة الكوثر، وسورة العصر، وقل يا أيها الكافرون، ونحن نعلم بالضرورة أن الإتيان بمثله أو بما يقرب منه ممكن، فإن قلتم إن الإتيان بمثل هذه السور خارج عن مقدور البشر كان مكابرة، والإقدام على هذه المكابرات مما يطرق بالتهمة إلى الدين :( قلنا ) : فلهذا السبب اخترنا الطريق الثاني، وقلنا : إن بلغت هذه السورة في الفصاحة حد الإعجاز فقد حصل المقصود، وإن لم يكن كذلك كان امتناعهم من المعارضة مع شدة دواعيهم إلى تهوين أمره معجزاً، فعلى التقديرين يحصل المعجز. هذا لفظه بحروفه، والصواب أن كل سورة من القرآن معجزة لا يستطيع البشر معارضتها طويلة كانت أو قصيرة، قال الشافعي رحمه الله : لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم :﴿ والعصر * إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر ﴾ [ العصر : ١-٤ ]


الصفحة التالية
Icon