يصف تبارك وتعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل فقال تعالى :﴿ الذين يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا ﴾ أي بك وبكتابك وبرسولك، ﴿ فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾ أي بإيماننا بك وبما شرعته لنا فاغفر لنا ذنوبنا بفضلك ورحمتك ﴿ وَقِنَا عَذَابَ النار ﴾، ثم قال تعالى :﴿ الصابرين ﴾ أي في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات، ﴿ والصادقين ﴾ فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة، ﴿ والقانتين ﴾ والقنوت : الطاعة والخضوع، ﴿ والمنفقين ﴾ أي من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات، وصلة الأرحام والقرابات، وسد الخَلاّت، ومواساة ذوي الحاجات، ﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾ دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار، وقد قيل : إن يعقوب عليه السلام لما قال لبنيه :﴿ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ربي ﴾ [ يوسف : ٩٨ ] إنه أخرهم إلى وقت السحر، وثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال :« ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول : هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ ».
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت :« من كل الليل قد أوتر رسول الله ﷺ، من أوله وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر » وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل ثم يقول : يا نافع هل جاء السحر؟ فإذا قال : نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح. وقال ابن جرير، عن إبراهيم بن حاطب، عن أبيه قال : سمعت رجلاً في السحر في ناحية المسجد وهو يقول : يا رب أمرتني فأطعتك، وهذا السحر فاغفر لي، فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه، وعن أنس بن مالك قال : كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة.