، قال عمر : فذهب بها أبو عبيدة رضي الله عنه.
وقال البخاري عن حذيفة رضي الله عنه قال :« جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله ﷺ يريدان أن يلاعناه، قال : فقال أحدهما لصاحبه : لا تفعل فوالله لئن كان نبياً فلاعَنَّاه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، قالا : إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلاً أميناً ولا تبعث معنا إلا أميناً، فقال :» لأبعثن معكم رجلاً أميناً، حق أمين « فاستشرف لها أصحاب رسول الله ﷺ فقال :» قم يا أبا عبيدة بن الجراح «، فلما قام قال رسول الله ﷺ :» هذا أمين هذه الأمة « وفي الحديث عن ابن عباس » قال قال أبو جهل قبّحه الله : إن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على رقبته. قال فقال :« لو فعل لأخذته الملائكة عياناً، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ لرجعوا لا يجدون مالاً ولا أهلاً » «.
والغرض أن وفودهم كان في سنة تسع لأن الزهري قال : كان أهل نجران أول من أدى الجزية إلى رسول الله ﷺ، وآية الجزية إنما أنزلت بعد الفتح، وهي قوله تعالى :﴿ قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر ﴾ [ التوبة : ٢٩ ] الآية. وقال أبو بكر بن مردويه، عن جابر :» قدم على النبي ﷺ العاقب والطيب فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه على أن يلاعناه الغداة، قال : فغدا رسول الله ﷺ فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيبا وأقرا له بالخراج، قال : فقال رسول الله ﷺ :« والذي بعثني بالحق لو قالا : لا لأمطر عليهم الوادي ناراً » قال جابر : وفيهم نزلت :﴿ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ﴾.
ثم قال تعالى :﴿ إِنَّ هذا لَهُوَ القصص الحق ﴾ أي هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في شأن عيسى هو الحق الذي لا معدل عنه ولا محيد، ﴿ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله وَإِنَّ الله لَهُوَ العزيز الحكيم * فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي عن هذا إلى غيره، ﴿ فَإِنَّ الله عَلِيمٌ بالمفسدين ﴾ أي من عدل عن الحق إلى الباطل فهو المفسد، والله عليم به وسيجزيه على ذلك شر الجزاء، وهو القادر الذي لا يفوته شيء سبحانه وبحمده، ونعوذ به من حلول نقمته.