يقول تعالى منكراً على من أراد ديناً سوى دين الله، الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، الذي له أسلم من في السماوات والأرض أي استسلم له من فيهما طوعاً وكرهاً كما قال تعالى :﴿ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً ﴾ [ الرعد : ١٥ ]. وقال تعالى :﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض مِن دَآبَّةٍ والملائكة وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [ النحل : ٤٩-٥٠ ] فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله، والكافر مستسلم لله كرهاً، فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم الذي لا يخالف ولا يمانع، وقد قال وكيع في تفسيره عن مجاهد :﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً ﴾ قال : هو كقوله :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله ﴾ [ لقمان : ٢٥ ]، ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ أي يوم المعاد فيجازي كلاً بعمله.
ثم قال تعالى :﴿ قُلْ آمَنَّا بالله وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ﴾ يعني القرآن، ﴿ وَمَآ أُنزِلَ على إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ أي من الصحف والوحي، ﴿ والأسباط ﴾ وهم بطون بني إسرائيل المتشعبة من أولاد إسرائيل - وهو يعقوب - الاثني عشر، ﴿ وَمَا أُوتِيَ موسى وعيسى ﴾ يعني بذلك التوراة والإنجيل، ﴿ والنبيون مِن رَّبِّهِمْ ﴾ وهذا يعم جميع الأنبياء جملة، ﴿ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ﴾ يعني بل نؤمن بجميعهم، ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ فالمؤمنون من هذه الأمة يؤمنون بكل نبي أرسل، وبكل كتاب أنزل، لا يكفرون بشيء من ذلك، بل هم يصدقون بما أنزل من عند الله، وبكل نبي بعثه الله.
ثم قال تعالى :﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾ الآية. أي من سلك طريقاً سوى ما شرعه الله فلن يقبل منه، ﴿ وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ الخاسرين ﴾، كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح :« من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ».


الصفحة التالية
Icon