ثم قال تعالى :﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة أَيْنَ مَا ثقفوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ الله وَحَبْلٍ مِّنَ الناس ﴾، أي ألزمهم الله الذلة والصغار أينما كانوا فلا يؤمنون ﴿ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ الله ﴾ أي بذمة من الله وهو عقد الذمة لهم، وضربت الجزية عليهم وإلزامهم أحكام الملة، ﴿ وَحَبْلٍ مِّنَ الناس ﴾ أي أمان منهم لهم كما في المهادن والمعاهد والأسير إذا أمنه واحد من المسلمين ولو امرأة، قال : ابن عباس :﴿ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ الله وَحَبْلٍ مِّنَ الناس ﴾ أي بعهد من الله وعهد من الناس، وقوله :﴿ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ الله ﴾ أي ألزموا، فالتزموا بغضب من الله وهم يستحقونه، ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المسكنة ﴾ أي ألزموها قدراً وشرعاً، ولهذا قال :﴿ ذلك بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ الأنبيآء بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾ أي إنما حملهم على ذلك الكبر والبغي والحسد، فأعقبهم ذلك الذلة والصغار والمسكنة أبداً متصلا بذل الآخرة. ثم قال تعالى :﴿ ذلك بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ﴾ أي إنما حملهم على الكفر بآيات الله وقتل رسول الله - وقُيِّضوا لذلك - أنهم كانوا يكثرون العصيان لأوامر الله والغشيان لمعاصي الله والاعتداء في شرع الله، فعياذاً بالله من ذلك، والله عزّ وجلّ المستعان.


الصفحة التالية
Icon