عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ سئل أي الكلام أفضل؟ قال :« ما اصطفى الله لملائكته : سبحان الله وبحمده » وروي أن رسول الله ﷺ ليلة أسري به سمع تسبيحا في السماوات العلا « سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى » ﴿ قَالَ إني أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾. قال قتادة : فكان في علم الله أنه سيكون في تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنوا الجنة.
وقد استدل القرطبي وغيره بهذه الآية على وجوب نصب الخليقة، ليفصل بين الناس فيما اختلفوا فيه، ويقطع تنازعهم وينتصر لمظلومهم من ظالمهم، ويقيم الحدود، ويزجر عن تعاطي الفواحش إلى غير ذلك من الأمور المهمة التي لا تمكن إقامتها إلا بالإمام، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. والإمامة تنال بالنص كما يقوله طائفة من أهل السنّة في أبي بكر. أو بالإيماء إليه كما يقول آخرون منهم، أو باستخلاف الخليفة آخر بعده كما فعل الصدّيق بعمر بن الخطاب أو بتركه شورى في جماعة صالحين كذلك كما فعله عمر، أو باجتماع أهل الحل والعقد على مبايعته أو بمبايعة واحد منهم له، فيجب التزامها عند الجمهور، وحكى على ذلك إمام الحرمين الإجماع، والله أعلم.
ويجب أن يكون ذكراً، حراً، بالغاً، عاقلاً، مسلماً، عدلاً، مجتهداً، بصيراً، سليم الأعضاء، خبيراً بالحروب والآراء، قرشياً على الصحيح؛ ولا يشترط الهاشمي ولا المعصوم من الخطأ خلافاً للغلاة والروافض. ولو فسق الإمام هل ينعزل أم لا؟ فيه خلاف، والصحيح أنه لا ينعزل لقوله ﷺ :« إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان »، فأما نصب إمامين في الأرض أو أكثر فلا يجوز لقوله ﷺ :« من جاءكم وأمْرُكم جَميعٌ يريد أن يفرِّق بينكم فاقتلوه كائناً من كان » وهذا قول الجمهور.


الصفحة التالية
Icon