وعن إياس بن عامر قال : سألت علي بن أبي طالب فقلت : إن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سرية فولدت لي أولاداً ثم رغبت في الأخرى فما أصنع؟ فقال علي رضي الله عنه : تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى، قلت : فإن ناساً يقولون بل تزوّجُها ثم تطأ الأخرى، فقال علي : أرأيت إن طلقها زوجها أو مات عنها أليس ترجع إليك؟ لأن تعتقها أسلم لك، ثم أخذ علي بيدي فقال لي : إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلا العدد، أو قال إلا الأربع، ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب ثم قال أبو عمر : هذا الحديث لو رحل رجل ولم يصب من أقصى المغرب والمشرق إلى مكة غيره لما خابت رحلته. وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود قال : يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد، وجماعة الفقهاء متفقون على أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء كما لا يحل ذلك في النكاح، وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ﴾ إلى آخر الآية أن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء، وكذلك يجب أن يكون نظراً وقياساً الجمع بين الأختين وأمهات النساء والربائب، وكذلك هو عند جمهورهم وهم الحجة المحجوج بها من خالفها وشذ عنها.
وقوله تعالى :﴿ والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾ أي وحرم عليكم من الأجنبيات المحصنات وهن المزوجات ﴿ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾ يعني إلا ما ملكتموهن بالسبي، فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن فإن الآية نزلت في ذلك، وقال الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : أصبنا سبياً من سبي أوطاس، ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج، فسألنا النبي ﷺ فنزلت هذه الآية :﴿ والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾ فاستحللنا فروجهن. وفي رواية مسلم أن أصحاب رسول الله أصابوا سبياً يوم أوطاس لهن أزواج من أهل الشرك، فكان أناس من أصحاب رسول الله ﷺ كفواً وتأثموا من غشيانهن قال : فنزلت هذه الآية في ذلك :﴿ والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾. وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن بيع الأمة يكون طلاقاً لها من زوجها أخذاً بعموم هذه الآية، وقال ابن جرير : كان عبد الله يقول : بيعها طلاقها ويتلو هذه الآية :﴿ والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾ وعن ابن مسعود قال : إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحق ببضعها.


الصفحة التالية
Icon