وقال آخرون : إنما أبيح مرة ثم نسخ ولم يبح بعد ذلك، وقد قيل بإباحتها للضرورة وهي رواية عن الإمام أحمد، وقال مجاهد : نزلت في نكاح المتعة، ولكن الجمهور على خلاف ذلك، والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين ( علي بن أبي طالب ) قال : نهى رسول الله ﷺ عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، ولهذا الحديث ألفاظ مقررة هي في كتاب الأحكام، وفي صحيح مسلم عن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني عن أبيه أنه غزا مع رسول الله ﷺ يوم فتح مكة فقال :« يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً »، وفي رواية لمسلم في حجة الوداع وله ألفاظ موضعها كتاب الأحكام.
وقوله تعالى :﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفريضة ﴾ أي إذا فرضت لها صداقاً فأبرأتك منه أو عن شيء منه فلا جناح عليك ولا عليها في ذلك، وقال ابن جرير : إن رجالاً كانوا يفرضون المهر، ثم عسى أن يدرك أحدهم العسرة فقال : ولا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، يعني إن وضعت لك منه شيئاً فهو لك سائغ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفريضة ﴾ والتراضي أن يوفيها صداقها، ثم يخيرها يعني في المقام أو الفراق، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ مناسب ذكر هذين الوصفين بعد شرع هذه المحرمات.


الصفحة التالية
Icon